منذ انتهاء كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا، أقر الجميع بأن أخطاء التحكيم في كرة القدم جزءٌ أصيل من اللعبة، بعد أن أهدت الصافرات غير العادلة الفوز لمنتخباتٍ بعينها، وأطاحت بمنتخباتٍ أخرى، فالأخطاء التحكيمية إذن واردة، والحديث عنها لن يُجدي سواءً أثناء المباريات أو بعد انتهائها.
ورغم ذلك يُصر البرتغالي جوزيه مورينيو المدير الفني لريال مدريد الإسباني على شراء عداءات منافسيه، ويُواصل حملته الشعواء على الحكام في معظم مبارياته، وآخرها بعد أن تلقى مدافع الـ"ميرينغي" بيبي بطاقةً حمراء في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا أمام برشلونة الأربعاء.
وذهب مورينيو إلى ما هو أبعد من ذلك عندما أكد أن الحكام ينحازون دائماً لمصلحة برشلونة، حيث قال: "لماذا يحصل دائماً الأمر ذاته في نصف النهائي بدوري أبطال أوروبا مع الفرق التي يُشرف مورينيو على تدريبها؟ لا أعرف ما إذا كان الانحياز لأن الأمر يتعلق باليونيسيف (راعي قمصان برشلونة)، أو لسلطة السيد فيار (رئيس الاتحاد الإسباني) داخل الاتحاد الأوروبي. لا أعرف".
اتهامات بالجملة ولم يتوقف مورينيو عند هذا الحد، بل أضاف: "جوسيب غوارديولا مدربٌ رائع لكنني لو كنت مكانه لخجلت لفوزي بدوري أبطال أوروبا عام 2009 بعد فضيحة ستامفورد بريدج (ضد تشيلسي). وهذا العام إذا تُوّج بها ستكون فضيحة سانتياغو برنابيو. أتمنى أن يفوز بها في يوم من الأيام بدون فضيحة".
نسي مورينيو - أو تناسى - أن الأخطاء التي يتحدث عنها - إن وجدت من الأساس - سلفٌ ودين، تخدم منافسك اليوم وتخدمك غداً، وليس أدل على ذلك من الخطايا التي استفاد منها "مو" منذ كان مديراً فنياً لبورتو البرتغالي.
النسخة الإنكليزية من موقع "غول" فتحت ملف الأخطاء التحكيمية التي صبت في مصلحة مورينيو، لتُذكره وعشاقه بالماضي غير الشريف بنسبة 100% كما يدّعي، وتُشير إلى أن تلك الأخطاء صنعت اسمه في القارة العجوز، وتُؤكد أن العمل الجاد لم يكن وحده وراء فوزه بدوري أبطال أوروبا مع بورتو في 2004 ومع انتر ميلان في 2010.
التاريخ الأسود في المرة الأولى، وتحديداً في إياب دور الـ 16 أمام مانشستر يونايتد الإنكليزي، كاد بورتو يُودّع البطولة لولا أن حكم اللقاء ألغى هدفاً صحيحاً للاعب وسط "الشياطين الحُمر" بول سكولز بداعي التسلل، لكن الإعادة التليفزيونية أثبتت أن موقف سكولز كان قانونياً تماماً.
انتهت المباراة بالتعادل 1-1 ومر بورتو إلى دور الثمانية بنتيجة 3-2 في مجموع اللقاءين، وقتها لم يشكُ مورينيو حكم اللقاء أو يعترف بأنه صعد إلى ربع النهائي بشكلٍ غير مشروع.
وفي البطولة ذاتها، استفاد مورينيو من خطأ تحكيمي آخر في ذهاب نصف النهائي أمام ديبورتيفو لاكورونيا الإسباني، عندما تلقى خورخي أندرادي لاعب فريق الـ"ديبور" بطاقةً حمراء بسبب "مزاح" مع البرتغالي ديكو - زميله السابق في بورتو - ولم يسمع الحكم كلمات أندرادي: "إنه صديقي.. إنه صديقي".
انتهت المباراة بالتعادل السلبي، وخسر ديبورتيفو لقاء العودة على ملعبه بهدفٍ نظيف.
التاريخ يُعيد نفسه بعد ستة أعوام أعاد التاريخ نفسه، لأن انتر ميلان الإيطالي الذي قاده مورينيو إلى اللقب استفاد من خطأ تحكيمي ثالث أمام تشيلسي الإنكليزي في ذهاب دور الستة عشر.
على ملعب "سان سيرو" في ميلانو كان بوسع تشيلسي تسجيل هدف التعادل 2-2 إذا ما احتسب حكم اللقاء ركلة جزاء صحيحة، بعد أن تعرض سالومون كالو مهاجم الفريق اللندني لعرقلةٍ واضحة من والتر صامويل مدافع الـ"نيراتزوري" الذي استحق بطاقةً حمراء، لكن الحكم لم يحتسب شيئاً.
فاز انتر ميلان ذهاباً 2-1 وإياباً 1-صفر ليصعد إلى ربع النهائي ويتخطى عقبة سيسكا موسكو الروسي بسهولة.
وفي نصف النهائي لعب التحكيم من جديد مع مورينيو أمام برشلونة، عندما احتُسب هدف دييغو ميليتو في مباراة الذهاب رغم وقوع مهاجم انتر ميلان الأرجنتيني في موقف تسلل واضح، أثبتته الإعادة التليفزيونية.
كان هذا الهدف صاحب الفضل في صعود الفريق الإيطالي إلى النهائي لأنه أنهى المباراة بنتيجة 3-1، في حين حقق برشلونة الفوز إياباً بهدفٍ يتيم لم يشفع له.
في كل هذه المواقف لماذا لم يتكلم مورينيو عن التحكيم؟ لماذا لم يخرج بشجاعة على الإعلام ليقول: "فزت بخطأ تحكيمي"؟!
على المدير الفني البرتغالي أن يعلم أن الاستفادة من الأخطاء التحكيمية ليست حكراً على أحد، بل إنها قد تضرك بالفعل في مباراةٍ ما، لكنها - أيضاً - قد تأتي إليك ببطولة وتصنع اسمك وسمعتك، بل وثمنك.
من مهند الشناوي