المدير الفني لفريق الزمالك ينشغل عن عمله الأصلي بالتصريحات الإعلامية الكثيرة فيما يركز نظيره الأهلاوي في تدريب الفريق. ستكون القمة النارية بين الأهلي والزمالك مفتوحة على كل الاحتمالات
باعتبار كرة القدم لا تعترف كثيراً بالأرقام أو النتائج السابقة واللاحقة،
فكم من صغير أطاح بمن هو أكبر، وكم من كبير خيب آمال جماهيره التي تحتشد
لتشجيع فريقها.
قمة الكبيرين الأهلي والزمالك رقم 107 تأتي في ظروف استثنائية هذا
الموسم لكلا الفريقين، فالفريق الأبيض عاد هذا الموسم للمنافسة بشكل شرس
على اللقب، وظل محتفظاً بقمة الترتيب حتى قبل جولتين، فيما الأهلي تهاوى
كثيراً في البداية ما اضطره إلى الاستغناء عن مدربه وابنه حسام البدري
مستنجداً بصانع البطولات مانويل جوزيه.
قدوم جوزيه كارثة على الزمالك وفي قراءة سريعة لنتائج الفريقين بعد عودة البرتغالي المحنك لقيادة
الفريق الأحمر، نجد أن الأهلي فاز بتسعة لقاءات، وتعادل في ثلاث، ولم يسخر
أي مباراة، جمع من كل ذلك 30 نقطة، كانت كفيلة باعتلائه قمة الترتيب للمرة
الأولى هذا الموسم وفي آخر جولات البطولة على غير العادة.
وفي ذات الفترة، نجد أن حسام حسن ورفاقه فازوا بست مباريات
وتعادلوا في أربعة وخسروا مباراتين اثنتين، جامعين 24 نقطة، ليتخلوا عن
الصدارة في وقت حرج للغاية، وبفارق مريح مقداره 5 نقاط، قبل نهاية البطولة
بأربع جولات فقط.
ويبدو أن قدوم جوزيه أعاد الروح للاعبي الفريق، الذين يعرفون
مدربهم جيداً، ويعرفون أن الاستماع لتعليماته وتوجيهاته كان دائماً جالباً
للبطولات والألقاب، لكن الغريب أن ينحدر أداء الفريق الأبيض بهذا الشكل،
ليهدوا "أعداءهم" لقب البطولة التي لم يحلموا بها حتى جولات متأخرة.
الإعلام ساحة الحرب الأخرى بين المدربين ولأن الإعلام جزءاً من اللعبة، شهدت المحطات الفضائية والصحف
والمواقع الإلكترونية الإخبارية صراعاً حاداً بين المدربين، كان الطرف
الظاهر فيها والأبرز مدرب الزمالك حسام حسن، بكثرة تصريحاته، فيما كان
يكتفي جوزيه بتصريحات قليلة، لكنها تبدو أكثر تأثيراً.
ففي الوقت الذي يخرج علينا فيه حسام بعد كل مباراة للزمالك، خصوصاً
إذا خسرها أو تعادل فيها، وهي 6 منذ قدوم جوزيه، يكل فيه اتهامات بالتآمر
على الزمالك وجماهيره، تارة من التحكيم وأخرى من الاتحاد وثالثة من
اللاعبين، نجد أن البرتغالي نأى بنفسه عن كل هذا وركز في أداء مهامه كمدير
فني بدل أن يكون ناطقاً إعلامياً.
ولطالما اعتبر حسن أن أي خسارة أو تعادل هي نتاج لمؤامرة حيكت ضده
في ليل، وأن الوضع الطبيعي للزمالك أن ينتصر على كل خصومه، إذ لم يشر
المدير الفني للبيض، أن أداء فريقه كان سيئاً يوماً، وإنما الخسارات
والتعادلات نتيجة الحظ السيئ، والحكم المتآمر، والخصم المعتدي، ونذكر
تصريحه "الغريب" عندما قال بعد التعادل مع الجونة بأن "الجونة تعمدوا
التعادل معنا" وكأنه يقول أنه كان الأولى أن يخسروا وأن التعادل معهم
مؤامرة.
فتعامل مع الأمور بمبدأ الاستعراض "الإعلامي" أمام الجميع، وكأنه
راقصة على خشبة المسرح تبذل قصارى جهدها لخطف انتباه كل من في القاعة،
منتظرة تصفيقهم الحار بعد نهاية العرض، في الوقت الذي بدا فيه جوزيه
كالسياسي المحنك، الذي يصمت طويلاً، ليعلن عن أفعاله المستقبلية المدروسة
بعمق وأناة.
جوزيه أطلق تصريحاً مستفزاً للزمالكاويين، عندما قال إن مباراة
الزمالك هي أسهل مباراة للأهلي في الدوري، ليحقق بعدها مآربه التي انعكست
"شطاً ونطاً" على الزمالك بكل مكوناته إدارة ولاعبين وحتى مشجعين، فيما كان
لاعبو الأهلي يركزون في مبارياتهم، وفي حياتهم الطبيعية.
إبراهيم حسن ضد سيد عبد الحفيظ مفارقة عجيبة يملكها الناديين، هما مديرا الكرة في الفريقين،
فالأول توأم حسام، لا يكل ولا يمل من التصريح لوسائل الإعلام، وربما لو طلب
منه طفل صغير تصريحاً لمجلة حائط في غرفة صفه لما بخل عليه، ولاتهم الجميع
بالتآمر، ونفس المسألة بالنسبة لسيد عبد الحفيظ، الذي فيما يبدو استغل
هدوء جوزيه، وراح يتصدر وسائل الإعلام، ولكن بشكل أقل من نظيره الأبيض.
لكن الغريب أن العقوبات كانت تقع دائماً على إبراهيم حسن، وسيد عبد
الحفيظ "سلام الله عليه" لا ينال من العقوبات شيئاً، وكأنه يملك حصانة
دبلوماسية باقية من أيام النظام "البائد".
كل هذه المعطيات لعبت دوراً مؤثراً في مسيرة الفريقين في النصف
الثاني من البطولة، المدرب والإعلام لينعكس كل ذلك على أداء اللاعبين على
البساط الأخضر، إضافة إلى الاستفزازات التي عاشتها الفرق الأخرى وردت عليها
لعباً ونتيجة.
لكن كل هذا الكلام وغيره، صحيحاً كان أم خاطئاً، منطقياً أم يخلو
من المنطق، تبقى مواجهة الأهلي والزمالك خارج كل الحسابات، وتبقى المباراة
الأجمل في البطولات العربية لما يتخللها من عرض كروي ممتع، وشغف جماهيري
عجيب، تعطي المتعة للمشاهد بقدر يفوق أحياناً مباريات كلاسيكو الكرة
الإسبانية بين ريال مدريد وبرشلونة خصوصاً في العام المنصرم.